25/05/2008
أكد نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية وزير التخطيط والتعاون الدولي عبد الكريم الأرحبي اهتمام الحكومة وحرصها على وضع المعالجات الكفيلة بتلافي الآثار السلبية للارتفاعات السعرية التي شهدتها أسعار السلع الغذائية.
وتحدث في الندوة الوطنية العلمية حول الارتفاعات السعرية أبعادها وأثرها وسبل مواجهتها الذي بدأت أعمالها اليوم بوزارة الصناعة والتجارة عن اعتزام الحكومة القيام بمسح جديد للفقراء المحتاجين للدعم عن طريق صندوق الرعاية الاجتماعية على مستوى جميع المناطق اليمنية بمساعدة فنية من الاتحاد الأوروبي.
وأشار إلى النتائج الايجابية التي تحققت في انخفاض فقر الغذاء وفقا لنتائج مسح ميزانية الأسرة… الا انه أبدى مخاوفه من ان تؤثر الارتفاعات السعرية في تبديد هذه النتائج.
وأشاد نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية بمبادرة وزارة الصناعة لعقد هذه الندوة… معربا عن أمله في ان تتوصل الندوة إلى توصيات فاعلة تأخذها الحكومة بعين الاعتبار في جهودها لمواجهة هذه الارتفاعات.
من جانبه أشار وزير الصناعة والتجارة الدكتور يحيى بن يحيى المتوكل إلى ان الندوة ستقف على مدى يومين أمام 20 ورقة عمل موزعة على ثلاثة محاور رئيسة تتناول التطورات الاقتصادية العالمية وآثارها على البلدان النامية واليمن على وجه التحديد و الأبعاد الراهنة والمتوقعة لأسعار وأزمة الغذاء العالمية وكذا مشكلة إمدادات وارتفاع أسعار الحبوب والمواد الغذائية في اليمن والجهود المبذولة والإجراءات والمعالجات الاقتصادية المقترحة لمعالجة مشكلة ارتفاع الأسعار وخاصة السلع والمواد الغذائية.
وأكد الوزير المتوكل ان الندوة تهدف إلى الوقوف على حقيقة مشكلة ارتفاع أسعار الغذاء عالميا واثر ذلك على معيشة المواطن اليمني والاقتصاد الوطني، لافتا إلى أهمية هذه الندوة في دراسة الارتفاعات السعرية واقتراح معالجتها .
وأعرب وزير الصناعة والتجارة عن تطلعه في ان تخرج هذه الندوة برؤية توحد كافة الجهود الرسمية مع القوى الفاعلة في المجتمع للتخفيف من الآثار السلبية للارتفاعات السعرية العالمية على السوق المحلية والعمل على معالجتها على المستوى القريب والمتوسط والبعيد, وبما يرفد ويعزز من خطط وبرامج التنمية الحكومية.
عقب ذلك بدأت جلسات أعمال الندوة، حيث ناقش المحور الأول بعنوان الارتفاعات السعرية العالمية وآثارها خمسة أوراق عمل الأولى عن قضايا الطاقة وانعكاساتها على الاقتصاد العالمي مقدمة من مكتب البنك الدولي بصنعاء تطرقت إلى مسببات ارتفاع الأسعار العالمية وآثارها السلبية على الاقتصاد العالمي خاصة الدول النامية.
واستعرضت ورقة العمل الثانية المقدمة من الدكتور صفاء النعيمي التوجه نحو الوقود الحيوي وآثاره على الأسعار وإمدادات الغذاء، وبينت انه ما زال هناك صراع غير متكافئ بين طرفين الأول الدول المنتجة للوقود الحيوي، التي تسعى إلى إجراء موازنة بين ارتفاع أسعار النفط من جهة والاستفادة من الطاقة الجديدة المتمثلة بالوقود الحيوي على حساب شعوب الطرف الأخر المتمثل بالدول الفقيرة التي تعاني من القهر والمرض والبؤس وعجز في ميزانها الغذائي التي تتأثر بالأزمات الغذائية أكثر من غيرها.
وأوضحت الورقة أن ما يصرفه المواطن في الدول النامية لصالح الغذاء يشكل 50 – 60 % من دخله في حين لا يصرف المواطن في الدول المتقدمة إلا بحدود 20 % من دخله. مؤكدة ان استمرار الدول المنتجة للوقود الحيوي بالتوسع في إنتاجها مع عدم وجود معالجات للحد من استخدام الوقود الحيوي المعتمد على غذاء الإنسان أو عقلنة إنتاجه أو التريث لحين إيجاد بدائل لذلك فسوف تتصاعد الأزمات الغذائية وسترتفع الأسعار أكثر مما هي عليه الان وستعاني الدول النامية من صعوبة الحصول على الإمدادات والكميات التي تحتاجها لإشباع جياعها. في حين سيزداد عدد الجياع في العالم ، وستتسع الفجوة أكثر مما هي عليه الآن بين الدول الغنية المنتجة للوقود الحيوي والدول الفقيرة غير القادرة على إنتاج الغذاء والحصول عليه من الخارج بغية تلبية حاجة الاستهلاك المحلي.
وأبرزت الورقة المقدمة من برنامج الغذاء العالمي بصنعاء حول الفجوة الغذائية في العالم وتأثيرها على المجتمع الدولي والدول النامية ( اليمن مثلاً)، أهم أسباب الفجوة الغذائية وارتفاع أسعار السلع الغذائية التي أرجعتها إلى ارتفاع أسعار الطاقة والوقود في العالم بدرجة لم يسبق لها مثيل من قبل، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار إنتاج الغذاء، وارتفاع المستوى الاقتصادي لبعض الدول مثل الصين والهند مما أدى إلى تغير أنماط التغذية وهذا أدى إلى زيادة الطلب على الحبوب، إضافة إلى الأحوال المناخية وإنتاج الوقود الحيوي من أصناف المنتجات الزراعية الهامة وانخفاض المخزون الإستراتيجي للحبوب في العالم وذلك لارتفاع أسعار التخزين وتطور تكنولوجيات التصدير والنقل.
وأشارت الورقة إلى ان أسعار القمح الأبيض الأمريكي في اليمن على سبيل المثال ارتفعت، من 180 دولار للطن المتري الواحد في عام 2006م، إلى 600 دولار للطن أي بزيادة 333بالمائة في بداية 2008م. وكذلك الحال بالنسبة لبقية المواد الغذائية الأساسية كالأرز والزيوت النباتية والتي ارتفعت بنسبة 236بالمائة.. موضحة ان ذلك اثر بشكل كبير على موارد البرنامج وعملياته في اليمن وتسبب في ظهور فجوة غذائية بحوالي 28 مليون دولار في ميزانية البرنامج القطري.
وكشفت انه إذا لم يحصل البرنامج على المساعدات اللازمة فقد يحرم أكثر من 320 ألف شخص في اليمن من المساعدات الغذائية التي يقدمها البرنامج.
في حين تطرقت الورقة المقدمة من منظمة الأغذية والزراعة إلى أزمة الغذاء والمجاعات في العالم ودور المنظمة في هذا الجانب. مبرزة الدور الذي يمكن القيام به للحد من تفشي المجاعات خاصة في الدول النامية في ظل استمرار ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية، وكذا الدور المطلوب من الدول المانحة للقيام به تجاه ذلك.
واستعرضت ورقة العمل الخامسة التي قدمها أستاذ الاقتصاد الزراعي المستشار الثقافي ومدير المركز الثقافي المصري بصنعاء الدكتور/ رياض السيد أحمد عمارة الأسعار وتحديات السياسة الزراعية، والأدوار التي تلعبها الأسعار في توجيه الموارد والتأثير في قرار الإنتاج والتي تشكل تحد واضح للسياسة الزراعية.
وفي المحور الثاني بعنوان التطورات الراهنة والمتوقعة للأسعار وتأثيرها على الاقتصاد اليمني استعرض المشاركون في الندوة سبعة أوراق عمل الأولى عن واقع الانتاج الزراعي الغذائي قدمها أستاذ التجارة الدولية والاقتصاد الزراعي المشارك بكلية الزراعة جامعة صنعاء أستاذ دكتور شـبير عبد الله الحرازي.
واستنتجت الدراسة أن يبلغ سكان اليمن بحلول عام 2015 حوالي 27.7 مليون نسمة بزيادة 9.5 ملايين نسمة وبنسبة 52% مقارنة بمتوسط الفترة 1997- 2006م، وتوقعت بالمقابل انخفاض كميات إنتاج الحبوب إلى 345 ألف طن بانخفاض 289 ألف طن وبنسبة 46%خلال نفس الفترة.
وتناولت الدراسة بالتحليل كميات المنتجات الغذائية الأولية في اليمن وأهم تحدياتها وآليات معالجاتها ..واعتبرت عملية إنتاج الغذاء بصفة عامة من أبرز التحديات التي تواجهها اليمن بل وتعد من أهم القضايا الإستراتيجية والمتطلبات القومية الضرورية.. مؤكدة أن عملية إنتاج الغذاء ما زالت على قدر من الخطورة وتعتبر من أبرز المشاكل التي تعاني منها اليمن.
وعرضت الدراسة أهم تحديات المنتجات الغذائية الأولية في اليمن أبرزها تدهور الأراضي التي اعتبرتها المشكلة الرئيسية الأولى التي تواجه الزراعة اليمنية بصفة عامة وتقف أمامها كتحدي كبير يضعف منها وإمكانية حدوث تطورات في المساحة الزراعية والتركيب المحصولي، كما إنها تعوق من إمكانية حدوث نمواً في المساحة المزروعة.
أما ورقة العمل الثانية فناقشت الأمن الغذائي واستيراد القمح قدمها الدكتور عبد الله الجيزل بينت ان هناك مسألة ضرورية وملحة لمعالجة مشكلة فجوة الغذاء من الحبوب باتجاهات عديدة أهمها تحقيق الكميات الكافية من القمح والدقيق في الأسواق المحلية والحد من ارتفاعات الأسعار القائمة ودعم المنتج المحلي في المجالات الزراعية المختلفة على غرار ما تتبناه الحكومة في برنامجها.
وأكدت الورقة أهمية رصد مبالغ لدعم إنتاج الحبوب من خلال تقديم القروض العينية والنقدية للمزارعين لتشمل البذور والأسمدة الكيمائية والحاصدات والحراثات والتعامل مع المناطق القابلة لزراعة الحبوب، كما أنه من الضروري أن تكون نظرة جديدة إلى القطاع الزراعي من خلال خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية لاستيعاب الصعوبات التي تواجه الزراعة كالمياه وسدود قنوات الري والحفاظ على المياه الجوفية من النضوب المبكر.
وشخصت ورقة المهندس علي حسين السقاف أسباب الأزمة الغذائية في العالم وتأثيراتها على المجتمع الدول والنامي اليمن مثالاً.
وأكدت ان ترك الأسعار في ظروف هذه الطفرة غير الطبيعية من الارتفاع لما يسمى بآلية السوق خطاء، لان آلية السوق في مثل هذه الحالة تكون آلية مضللة ولا تخدم إلا مصالح التجارة والمحتكرين.
وأوضحت الورقة انه لا يمكن لليمن مواجهة هذا الارتفاع في أسعار السلع فقط بزيادة أجور ورواتب الموظفين لان ارتفاع الأجور والرواتب مهما بلغت نسبتها فهي محدودة بحد أقصى لا يتناسب دائماً مع الزيادة التي طرأت على أسعار السلع في السوق، بل في تدخل الدولة ودورها الهام في مراقبة حالة السوق بهدف إحداث التوازن بين أسعار السلع المستوردة والسلع المنتجة محلياً وهو دور لا يقل عن دورهـا بإنشاء جهاز قوي لمراقبة الأسعار ومراجعة عناصر التكلفة إداريا وفنياً وتحديد هوامش الربح بما يتفق في الأساس مع التشريعات القانونية النافذة وهو أمر متبع في أكثر الدول الرأسمالية في العالم ولا يتعارض مع حرية التجارة أو اقتصاديات السوق.
وتطرق الدكتور محمد الحميري في ورقته عن استيراد وتوزيع المواد الغذائية في اليمن إلى آليات الاستيراد وكيفية ضمان توزيع هذه المواد وواقع ذلك وسبل إيجاد آليات فاعلة لتكثيف الاستيراد وعدالة التوزيع.
وأبرزت ورقة الدكتور عبد الله المجاهد تنامي الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك محلياً وعلاقة ذلك بتنامي الاعتماد على مصادر خارجية في توفير الغذاء والتذبذبات السعرية المحلية والدولية، وكذا التسويق وعلاقته بالإنتاج وتناميه.
وأوضحت علاقة الأساليب التسويقية العقيمة الحالية في إرباك أي برنامج أو استراتيجية تهدف إلى زيادة الإنتاج المحلي وتناميه، فالتذبذبات الواضحة في أسعار المواد الغذائية محلية.
واهتمت الدراسة بالعوامل الرئيسية التي تؤكد بأن تزايد الاستيراد لا يخضع لمعيار وأسس علمية في غياب الاستراتيجية الواضحة لذلك وترك ترحيل المعالجات من عام إلى آخر وما يترتب عليه من تنامي للفجوة الغذائية التي ولا شك سوف تتحول إلى مشكلة كبيرة تصعب معالجتها.
ولفتت إلى ان الأساليب المتبعة في تسويق الحاصلات الزراعية المنتجة محلياً وكلفتها بتزايد الاعتماد على مصادر خارجية في توفير الغذاء.
كما أكدت الغياب الواضح للمؤسسات والجهات الحكومية ذات العلاقة وكذلك القطاعات الأخرى التعاونية والخاصة في تشجيع المزارع والمنتج المحلي وما يرافق ذلك من إضافة عوامل جديدة تساعده على تزايد الاعتماد على مصادر خارجية.
وحاولت ورقة العمل السادسة المقدمة من حسين قعطبي استخلاص اثر ارتفاع الأسعار على ميزان المدفوعات وكيفية معالجة ذلك.
فيما ركز مكتب الأمم المتحدة بصنعاء في ورقته المقدمة عن دور الجهات المانحة في مواجهة ارتفاع الأسعار على الدور الذي يمكن ان يقوم به المانحين في مساعدة الدول النامية على تخطي هذه الأزمة العالمية.
وتخلل جلسات العمل تقديم مداخلات من قبل المشاركين تركزت في مجملها حول السبل الكفيلة للقيام بمواجهة الارتفاعات السعرية والأدوار المتكاملة التي ينبغي ان يلعبها الجميع في هذا الجانب.
ويشارك في الندوة التي تنظمها وزارة الصناعة تحت شعار ” مواجهة الارتفاعات السعرية مسؤولية مشتركة”، نخبة من الأكاديميين والاقتصاديين والمسؤولين الحكوميين وممثلي الجهات المانحة و منظمات المجتمع المدني.
سبأنت
اختتام ورشة العمل الخاصة بارتفاع الأسعار
اختتمت اليوم بصنعاء اعمال الندوة الوطنية العلمية حول الارتفاعات السعرية ابعادها وأثرها وسبل مواجهتها، والتي نظمتها على مدى يومين وزارة الصناعة والتجارة تحت شعار ” مواجهة الارتفاعات السعرية مسؤولية مشتركة”، بمشاركة نخبة من الأكاديميين والاقتصاديين والمسؤولين الحكوميين وممثلي الجهات المانحة ومنظمات المجتمع المدني.
وفي ختام الندوة، أشاد وزير الصناعة والتجارة الدكتور يحيى بن يحيى المتوكل بالرؤى الجادة والمهمة لمواجهة تبعات الارتفاعات السعرية العالمية والتي تم طرحها من خلال اوراق العمل ومداخلات المشاركين في الندوة..
مؤكدا ان توصيات الدراسات والاوراق العلمية سيتم استيعابها ضمن الاجراءات الحكومية المنفذة لمواجهة هذه الارتفاعات السعرية وتخفيف العبء على المواطن.
وأشار الوزير المتوكل الى حرص الحكومة على وضع روزنامة من الحلول المتكاملة تتعاطى بشكل شامل مع الغلاء على مختلف الأمدية الزمنية..مؤكدا أهمية العمل على مسارات متوازية، شريطة وجود قدر عال من الجدية والاستمرارية والتنسيق والتعاون بين مختلف الجهات المعنية في الحكومة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني.
واستعرض وزير الصناعة والتجارة مساعي الحكومة ووزارة الصناعة والتجارة بالشراكة مع القطاع الخاص والمستوردين للعمل على ضمان استمرار التدفق السلعي وتوفير المواد الغذائية الأساسية مع العناية بالاحتفاظ بمخزون استراتيجي مناسب خاصة من مادة القمح، والاستمرار في دعم المؤسسة الاقتصادية اليمنية في هذا الجانب في إطار الاتجاه نحو توسيع دورها ونشاطها لخلق نوع من التوازن بالوصول إلى نسبة25 بالمائة على الأقل من حركة السوق في المواد الغذائية الأساسية، وامتلاك في حدود نصف مليون طن كمخزون استراتيجي لمواجهة أي نقص في العرض أو زيادة في الطلب تحت أي ظرف من الظروف.
وأوضح أن كمية القمح المتوفرة في الصوامع والمخازن حالياً وكذلك المتعاقد عليها فعلياً وتصل تباعاً تبلغ حوالي أربعمائة وخمسون ألف طن بما يكفي لتغطية الاستهلاك المحلي لفترة اكثر من شهرين .. مؤكدا استمرار الوزارة في متابعة استكمال الدراسات الخاصة لإقامة وتحديث الصوامع في كل من عدن و الحديدة ، وإقامة صوامع في المدن الرئيسية تابعة للدولة بشأن التحكم في المخزون الاستراتيجي .
واستعرض الوزير المتوكل الخطة المستقبلية لمواجهة الأزمة الناتجة عن إرتفاع أسعار المواد الغذائية وتخفيف العبء على المواطن من خلال اعتماد عدة حلول تتولى الحكومة بشكل كامل الجزء العام منها فيما تتولى الوزارة الجانب التمويني المباشر.. مبينا ان خطة الحكومة تعتمد ثلاثة محاور هي تشجيع زراعة الحبوب، ورفع وتوسيع مخصصات الضمان الاجتماعي، اضافة الى تنفيذ إستراتيجية الأجور والمرتبات.
وكان المشاركون في ختام اعمال الندوة قد ناقشوا تسعة اوراق عمل موزعة على جلستين ضمن المحور الثالث للندوة بعنوان سياسيات واجراءات مواجهة الارتفاعات السعرية ومقترحات تعزيزها.
وعرضت في جلسة العمل الثالثة للندوة اربع اوراق عمل تناولت الأولى المقدمة من وزارة الزراعة والري سياسة الحكومة في زيادة الانتاج الزراعي، حيث أشارت الى ان قلة العرض من حبوب القمح في السوق العالمية في الآونة الأخيرة وارتفاع أسعاره ادى إلى تراكم الأعباء المالية على الدول الفقيرة في البلدان النامية بالتحديد، مما يعطي مؤشرات إلى تفاقم مشكلة الغذاء في هذه البلدان وينذر بخطورة عدم قدرة تغذية هذه الدول لشعوبها خاصة إذا كانت مواردها الزراعية محدودة مقارنة بمعدل الزيادة في عدد السكان.
وعرضت الورقة الإجراءات التي اتخذتها اليمن لمعالجة هذه الظاهرة أهمها، وضع برنامج وطني لتشجيع التوسع في زراعة محصول القمح والحبوب الغذائية الأخرى في المحافظات الواعدة على النظم الإنتاجية المروية والمطرية لتغطية ما نسبته 15-20 بالمائة من مساحة القمح سنوياً بكل محافظة مستهدفه، والتركيز على برنامج أبحاث الهجن لمحصول الذرة الشامية، كمصدراً هاماً لتحسين الإنتاجية في وحدة المساحة كما ان انتظام وتجانس نباتات الهجن يساعد على استخدام الحصاد الميكانيكي بالإضافة الى أنها تتميز بمقاومتها وتحملها للجفاف وتأقلمها مع البيئات المختلفة .
ومن ضمن الاجراءات البحث في تقنات خلطة الدقيق المركب، وإمكانية الاستثمار الزراعي في السودان.
وأكدت الورقة ان هذه الإجراءات تأتي لتأمين سلعة القمح والحبوب الغذائية الأخرى للاستفادة من الفرص والإمكانيات المتاحة وتنويع مصادر توفير هذه السلع الغذائية .
وأبرزت ورقة وزارة الصناعة والتجارة إجراءات مواجهة ارتفاعات الأسعارالمساندة المطلوبة للقطاع التجاري والرؤية المستقبلية للوزارة قدمها وزير الصناعة والتجارة الدكتور يحيى المتوكل.. واستعرضت الإجراءات التي تمت من قبل الوزارة لمواجهة الأوضاع التموينية والأسعار، من خلال اتخاذ مجموعة من القرارات والتدابير والمعالجات أمام تأثيرات العوامل الخارجية، وللتحكم بالعوامل الداخلية المتمثلة بآليات العرض والتوزيع والتسويق وما يتصل بها من تشجيع المنافسة ومنع الاحتكار ومحاربة الغش التجاري وفرض الالتزام بالمواصفات والمقاييس والموازين.
وأشارت الورقة الى الجانب الرقابي للوزارة وأجهزتها المختصة ومكاتبها في أمانة العاصمة والمحافظات في تكثيف عمليات مسح ورقابة الأسواق والأنشطة التجارية خاصة في مجال المواد الغذائية الأساسية وأسعارها.
وأكدت ان الوزارة من خلال هذه الاجراءات تمكنت من تحقيق الاستقرار التمويني في مختلف محافظات الجمهورية بتوفر السلع والبضائع وخاصةً المواد الغذائية الأساسية.. مجددة التاكيد أن الارتفاعات السعريه هي في أساسها نتاج لعوامل مرتبطة بالأسعار العالمية وأن الزيادات في الأسعار محلياً كانت أقل مما حدث في الدول المجاورة وفي كثير من دول العالم وذلك بسبب التدابير والإجراءات الصارمة التي اتخذتها الحكومة.
فيما تناولت ورقة الاتحاد العام للغرف التجارية الصناعية الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص في الحد من الإرتفاعات السعرية، ولفتت الى ان اليمن تعاني من انكشاف اقتصادي على الخارج، والذي يبلغ أكثر من 65 بالمائة، يتكثف بصورة خاصة عندما يتعلق الأمر بالغذاء.. مؤكدة ان الأمن الغذائي في اليمن ضعيف، حيث تبلغ نسبة الغذاء المستورد نحو أكثر من 80 بالمائة من إجمالي استهلاك اليمنيين من الغذاء.
وقالت” “القمح هو أكثر أنواع الغذاء استهلاكا في المائدة اليمنية ومع ذلك فان نسبة ما ينتجه اليمنيون من القمح لا يلبي سوى 7-8 بالمائة فقط من حجم الاستهلاك الإجمالي من القمح “.
وطالبت الورقة بوضع إستراتيجية متكاملة لتحسين طاقة وقدرة القطاع الزراعي من شأنها تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار الزراعي، قائمة على حوافز فعالة مستوحية تلك الحوافز من ضرورات الأمن القومي بتأمين الغذاء لكافة اليمنيين.
وبلورت الورقة ملامح عناصر هذه الإستراتيجية في سرعة تبني إستراتيجية للإصلاح الزراعي من شأنها زيادة المساحة الزراعية والإنتاجية، والحفاظ على الموارد المائية المحدودة بوصفها موارد سيادية وتعامل على أنها أحد مقومات الأمن القومي اليمني، مع إعطاء التسهيلات الخاصة والامتيازات الخاصة لمنتجي الحبوب والغذاء، إضافة الى تقديم الدعم المباشر للمزارعين واستبدال دعم الديزل الذي لا ينتفع منه إلا القليلون جدا ، بالدعم المباشر للمزارعين وفق سياسة زراعية واضحة ومحددة، وتقديم الحوافز المالية والتقنية والتشريعية للمستثمرين من القطاع الخاص في المجال الزراعي.
وقدم الاتحاد التعاوني الزراعي والجمعيات التعاونية الزراعية ورقة عن دور منظمات المجتمع المدني لمواجهة الارتفاعات السعرية استعرضت دورها في النهوض بالقطاع الزراعي والآوضاع الاقتصادية وتحسين مستوى الدخل والمعيشة لشريحة كبيرة من المزارعين والعاملين في المجال الزراعي نحو الآفضل.
وأوصت الورقة بتفعيل دور الارشاد الزراعي وتمكينه من العمل في كافة المحافظات، وتوفير الكميات الكافية من البذور المحسنة ومدخلات الانتاج، إضافة الى اعداد وتجهيز كافة الآليات الزراعية ووضعها في درجة الاستنفار التام و حل مشكلة الاختناقات والازمات الحالية التي تحصل في المحروقات وخاصة مادة الديزل والتي يعتمد عليها المزارع بشكل رئيسي في ري محاصيله الزراعية المختلفة وتضر بالانتاج الزراعي سلبا نوعا وكمية وتعتمد عليها وسائل النقل المختلفة في نقل المنتجات الغذائية بشكل أساس مما يسهم سلبا في اضطرابات الاسعار الحاصلة للمواد الغذائية فيصعب أمام الجميع تنفيذ السياسات الاجرائية في حل هذه المشكلة .
وطالبت بتبسيط آلية الاقراض الزراعي ومنح القروض البيضاء للمزارعين والجمعيات التعاونية الزراعية من خلال بنك التسليف التعاوني الزراعي وفروعه في كافة المحافظات وبضمانة المحصول، ووضع خطة استراتيجية لانشاء صوامع الغلال بدءا بمناطق الانتاج الرئيسية .
واستعرضت جلسة العمل الرابعة خمسة اوراق عمل تطرقت الأولى المقدمة من الاتحاد التعاوني الاستهلاكي الى تفعيل الجمعيات الاستهلاكية للتخفيف من حدة الارتفاعات السعرية.
واستهدفت ورقة العمل الخاصة بالانتاج الزراعي في اليمن والفرص المتاحة لزيادته أوضاع إنتاج محاصيل الحبوب الرئيسية في اليمن ومحدداتها ومقترحات تطوير إنتاجها للمساهمة في حل مشكلة الغذاء الراهنة والمتوقعة.
وتناولت الورقة تحليل الإنتاجية والنظم الزراعية ومجالات التطوير والجهود الوطنية المبذولة في هذا الصدد للنهوض بهذه المحاصيل المهمة لتحقيق الآمال المعقودة عليها في المستقبل .
وخلصت إلى مجموعة من الاستنتاجات أهمها قصور الانتاجية الزراعية مقارنة بما تنتجه الأساليب العلمية والتكنولوجية، والإسراف في مياة الري وسوء توزيعها وعدم احتساب الماء كعامل من عوامل التكلفة الإقتصادية في الإنتاج، اضافة الى ان الحيازات الزراعية صغيرة تزداد تفتتا مما يزيد الفاقد منها ويعوق استخدام التكنولوجيا الزراعية بكفاءة ويسر، اضافة الى ان الزراعة تقليدية تعتمد فقط علي جهد الإنسان والحيوان ولا تستفيد بالقدر الكافي من التكنولوجيا العلمية وتشغل 75 بالمائة من المساحة المحصولية.
وأظهرت نتائج الدراسة الى ان هناك حاجة ملحة للاهتمام بتحسين إنتاج المحاصيل الغذائية (محاصيل حبوب) تحت نظامي الإنتاج المروي والمطري بسبب تدني مستويات الإنتاج الحالية عن المعدلات الإقليمية في مناطق مشابهة.. وكشفت ان مؤشرات ونتائج البحوث الزراعية و الإرشاد الزراعي تشير الى انه يمكن زيادة الإنتاجية من وحدة المساحة من خلال إجراءات وإدارة أفضل للمحصول وللمدخلات الزراعية وكذلك للموارد الطبيعية مثل التربة والمياه.
وأوصت بإجراء دراسات ميدانية بهدف معرفـة وتحديد العوامل والصعوبات التي تعيق من استغلال المساحات المتروكة، و توجيه العناية إلى المناطق ذات الإنتاجية المنخفضة بتقديم الدعم الفني والمالي لها، اضافة الى تحسين الأصناف المحلية المزروعة وراثيا وتحسين جميع العمليات الزراعية المرافقة للمحصول، و تطوير إنتاج الحبوب رأسيا وبخاصة القمح من خلال رفع إنتاجية الهكتار من هذا المحصول الاستراتيجي الهام، وكذا تمويل الأبحاث الهادفة إلى إيجاد بدائل محلية مناسبة ورخيصة للمدخلات بالاعتماد على المواد الخام المحلية.
وبحثت ورقة العمل الثالثة آليات التوسع الرأسي في إنتاج بذور هجن من الذرة الشامية، حيث بينت ان زراعة محصول الذرة الصفراء أو الشامية تنتشر في معظم الأراضي اليمنية، ويرتبط بها المزارعون في كثير من مناطق الوديان أو التي تعتمد على الأمطار والسيول لتلبية احتياجاتهم الغذائية والمعيشية اليومية.. مشيرة الى انه نظرا لان الذرة الشامية تدخل في صناعة أعلاف الدواجن فأن الحاجة القومية لهذا المحصول كبيرة وترتبط باستيراد مالا يقل 278 ألف طن سنويا وبقيمة بلغت 8 مليارات ريال تقريبا لسد الفجوة العلفية والغذائية الموجودة .
وأوضحت انه لتقليص هذه الفجوة لابد من الاستفادة من الموارد المتاحة راسيا للحصول على أعلى إنتاجية متاحة لوحدة المساحة في فترات قصيرة ، لاسيما وأن إنتاجية الأصناف المحلية متدنية للغاية إذ لم تتجاوز 0.81 طن/ هكتار.
وأشارت الى ان الهجن والأصناف التركيبية والمفتوحة ذات الإنتاجية العالية الناتجة من سلالات نقية تمثل احد هذه الموارد التي يمكن بها رفع الإنتاجية في وحدة المساحة وزيادة المساحات المزروعة من الذرة الشامية.
ولفتت الورقة الى ان كلية الزراعة بجامعة صنعاء قامت بإنتاج مجموعة كبيرة من الهجن تم تركيبها محليا لظروف الزراعة المطرية والري التكميلي ، وتم اختبار أصناف عديدة منها في بيئات متباينة في ذمار ، صنعاء ، تهامة، وتحت ظروف الري التكميلي بالتعاون مع مؤسسة إكثار البذور ..
مؤكدة انه وجدت فيها مجموعة ممتازة من الهجن الفردية تميزت بالكثير من الخصائص الإنتاجية مثل النضج المبكر والإنتاجية العالية، إضافة الى المقاومة للأمراض والحشرات وبقاء النبات اخضر بعد النضج التام للحبوب مما يعني إمكانية استخدامها كعلف اخضر بعد النضج وهي خاصية هامة جدا، وكذا قليلة الاحتياجات المائية.
واستعرضت ورقة العمل الرابعة التعاون العربي لتجاوز ازمة الغذاء “الاستثمار الزراعي في السودان انموذجا”، اكدت أن أزمة الغذاء وارتفاع أسعاره التي أخذت تعصف بالواقع العربي عامة والواقع اليمني خاصة ، لا يمكن أن تمر بسهولة ويُسر ، سواءً من حيث تأثيراتها الاقتصادية أو من حيث تأثيراتها السياسية والاجتماعية.
وقالت ” أياً كانت الأسباب الظاهرة أوالباطنة، الجديدة أو القديمة.. فإن هذه الأزمة تمثل محطة هامة لمراجعة السياسات والاستراتيجيات التي كانت متبعة في مجال الأمن الغذائي بشكل عام وقطاع الحبوب بشكل خاص ، وبالتالي العمل على إعادة تقييم الوسائل والأساليب وتحديد المعوقات بصورة أكيدة، والاعتراف بالأخطاء وتصحيحها في إطار النظر إلى هذه القضية ومحوريتها الوطنية والقومية، حاضراً ومستقبلاً”.
وشددت الورقة على أهمية البحث عن مخارج لأزمة الحبوب القائمة ، وذلك في ضوء تأكيدات خبراء الاقتصاد العالميين بأن ارتفاع الأسعار للمواد الغذائية ستزداد خاصة في ظل المتغيرات التي طرأت وأدت إلى انخفاض مخزون الغذاء العالمي في المساحات المخصصة للطعام البشري وزيادة الطلب في المواد الغذائية بسبب زيادة النمو السكاني.. وتطرقت الى إمكانية التعاون العربي بصورة إجمالية مع التركيز على إمكانية الاستثمار الزراعي لإنتاج الحبوب في جمهورية السودان كأحد الحلول لمواجهة هذا التحدي الحياتي الكبير .
وتناولت ورقة العمل الخامسة دراسة السبل الممكنة لتحقيق استقرار الأسعار في الاقتصاد اليمني من خلال الدراسة التحليلية والوصفية والقياسية وتوصلت الى العديد من النتائج أبرزها أن الاقتصاد اليمني يتعرض لتقلبات السوق العالمي التي تنتقل الى الداخل .
وبينت الدارسة أن سياسة السعر المتبعة في الاقتصاد اليمني لا زالت تواجه بعض المعوقات المتراكمة والناتجة عن الدعم الذي كان يرصد للسلع الاساسية، واظهرت بأن السياسة السوقية المعتمدة على حرية التجارة لا زالت فيها قيود في الاقتصاد اليمني وتلك القيود غير ظاهرة فضلا عن ذلك يظهر وجود بعض التشوهات والاختلالات الهيكلية في الاقتصاد اليمني بسبب بعض السياسات المتبعة سابقا وبسبب تدني الكفاءة التسويقية ونقص المعلومات التي تساعد على تقدير العمليات في الاسواق التجارية.
وأوصت الدراسة بالسعي نحو تطوير القاعدة الضريبية وتطوير إداراتها من اجل زيادة إيرادات الدولة وتوجية بعض من تلك الإيرادات لتطوير الإنتاج في كافة المجالات وخاصة الزراعية والصناعية.. موضحة ان تحقيق السعر يحتاج إلى خلق المنافسة الكاملة وإعطاء الفرصة لجميع الراغبين في الأعمال التجارية سواء في الاستيراد او التصدير لجميع السلع ولا يبقى الأمر محدود لفئة محدودة من التجار.
وطالبت بضرورة العمل على خلق إصلاحات هيكلية في جانب السياسات التسويقية وذلك لايجاد قاعدة معلومات كاملة عن العمليات التسويقية.
سبأنت